الثلاثاء، ٤ مارس ٢٠٠٨

مشكلات سيناء من وجهة نظر مجموعة الازمات الدولية.


مشكلات سيناء من وجهة نظر مجموعة الازمات الدولية تتلخص في‏:‏‏*‏ ان نظرة السلطة المصرية إلي المنطقة محكومة دائما بالاعتبارات الأمنية والعسكرية وهي الاعتبارات التي عززتها الهجمات الإرهابية التي استهدفت منتجعات طابا وشرم الشيخ ودهب‏.‏ غير أن سيادة النظر الأمني لم تسمح بإجراء قراءة صحيحة لتلك الهجمات فما وجه منها ضد‏'‏ طابا‏'‏ كان مرتبطا بالصراع العربي ـ الإسرائيلي لكن ما حدث بعد ذلك في شرم الشيخ ودهب وادي الي سقوط أعداد من الضحايا المصريين يرجح ان الهجمتين كانتا انتقاما لعمليات الاعتقال الواسعة التي تمت بعد تفجيرات طابا والتي أدت إلي اعتقال حوالي‏3000‏ شخص من أبناء سيناء‏.‏‏*‏ أن التركيز علي الجانب الامني ادي الي تراجع مشروعات التنمية الاقتصادية باستثناء المشروعات السياحية التي تتركز في الجنوب ولم يستفد منها ابناء سيناء وانما تركوا يعانون الفقر والبطالة علي المستوي الاقتصادي والثقافي والاجتماعي‏.‏ كما انهم يتعرضون بشكل شبه يومي للقيود الأمنية‏.‏‏*‏ هذه الملابسات التي تشيع بين السكان شعورا قويا بالإهمال‏,‏ تعرضا مستمرا للضغوط الأمنية تغذي فكرة خصوصية المنطقة وهويتها المتميزة عن النسيج المصري‏(‏ تحدث التقرير عن حوارين بين تلميذ واستاذه الذي تحدث عن التراث الفرعوني لمصر علق عليه التلميذ قائلا ان البدو ليسوا احفاد الفراعنة وإنما تمتد جذورهم الي شبه الجزيرة العربية الامر الذي تسبب في ازمة تطورت حتي أدت إلي استدعاء ولي أمر التلميذ إلي مقر الشرطة‏).‏في النهاية ذكرت الدراسة ان الحل الشامل لمشكلة سيناء يمكن تحقيقه في سياق حل الصراع العربي الاسرائيلي لكنها اضافت ان هناك الكثير الذي يمكن انجازه في المدي القصير خصوصا علي صعيد الاهتمام بمشروعات التنمية الاقتصادية وتشجيع العمل الاهلي مع اتاحة الفرصة لسكان سيناء للتعبير عن احتياجاتهم ومتطلباتهم ورفع الظلم الواقع علي البدو مع الإقرار بتميز سيناء الثقافي واللغوي‏.‏‏(4)‏حتي إذا كانت بعض معلومات الدراسة غير دقيقة فينبغي أن نقر بان النقاط المحورية فيها صحيحة وينبغي أن تؤخذ علي محمل الجد‏.‏ علي الاقل ما يتعلق منها باهمال تنمية المنطقة والتعامل مع سيناء في مجملها‏,‏ باعتبارها قضية امنية في المقام الاول‏.‏ وهو اعتبار لا يقلل احد من شأنه بطبيعة الحال لكننا نفهم ان الامن يتحرك في اطار السياسة وليس العكس‏.‏صحيح أن ذلك منطق مرفوض بالنسبة لأي منطقة في مصر‏,‏ لكنه يصبح كارثيا عندما يتعلق الامر بسيناء التي ما برح الباحثون والإستراتيجيون يدقون الأجراس منبهين إلي أهميتها البالغة بالنسبة لأمن مصر‏.‏ حتي يصفها الدكتور جمال حمدان في مؤلفه‏'‏ شخصية مصر‏'‏ بأنها بوابة مصر الأولي والكبري و‏'‏إنها أهم واخطر مدخل لمصر علي الإطلاق‏.'‏بل ويذهب الي ان من يدافع عن سيناء يدافع عن مصر بل يدافع عن العرب اجمعين و لا يستطيع المرء ان يخفي دهشته من تغييب مثل هذه الحقائق الجوهرية المتعلقة بصميم الامن القومي في التعامل معها‏.‏ما أقلقني أيضا في الدراسة هو ذلك التلميح إلي هوية سيناء المتميزة‏.‏ وهو الامر الذي يمكن فهمه إذا كان التميز في إطار الوعاء الكبير الذي يمثله المجتمع المصري بمختلف شرائحه لكني اقرأ لغما خفيا في المفاصلة التي تتحدث عن هوية ذات أصول فرعونية للمصريين وأخري ذات جذور تمتد إلي الجزيرة العربية لقبائل سيناء‏.‏ و قد أشار الدكتور جمال حمدان إلي المحاولات التي تمت في المرحلتين العثمانية و البريطانية للتعامل مع سيناء باعتبارها كيانا منفصلا عن مصر‏,‏ ليس فقط استنادا إلي الأصول العرقية ولكن أيضا استثمارا للوضع الجغرافي الذي تصنف فيه سيناء آسيوية بينما مصر إفريقية‏.‏ وهو رد عليه بقوله إنها جغرافيا وتاريخيا جزء لا يتجزأ قط من صميم التراب الوطني منذ مصر الفرعونية بل و حتي العصور الحجرية‏.‏ وإذا كانت غالبا أو دائما ارض رعاة ولكنها قط لم تكن ارضا بلا صاحب‏.‏إن إعادة النظر في عقلية التعامل مع سيناء هي افضل اعتذار لشعبها بل وللشعب المصري الذي لا اعرف كيف يمكن أن ينام مرتاح البال و بوابة بلده الأولي والكبري يهون من شأنها إلي هذه الدرجة المحزنة‏.

الكاتب الكبير فهمى هويدى.

ليست هناك تعليقات: